كبسولة وعي
كيف نقيس الأثر الاجتماعي؟
من النية الطيبة إلى النتيجة المحسوبة
✍️ بقلم: الباحث في مجال الاستثمار الاجتماعي – حارث بن علي العسيري
في عالم الاستثمار الاجتماعي لم يعد كافيًا أن نقول: "قمنا بمبادرة جميلة"، بل أصبح السؤال الأهم: "ما أثرها الحقيقي؟"
الأثر لا يُقاس بعدد الصور في الإعلام، ولا بعدد الاحتفالات، بل بالتغيير الذي تتركه المبادرة في حياة الناس.
لماذا نقيس الأثر؟
القياس يمنحنا القدرة على الإجابة عن سؤال جوهري:
"إذا صرفنا مليون ريال، ماذا تغيّر؟"
المانح، والمستفيد، وصانع القرار يحتاجون إلى وضوح، والوضوح لا يتحقق إلا بالقياس.
الرحلة من النية إلى الأثر:
أي مشروع اجتماعي ناجح يمر بأربع مراحل مترابطة:
1. المدخلات (Inputs): ما نضعه في المشروع: أموال، وقت، جهد، علاقات.
2. الأنشطة (Activities): ما نقوم به: برامج تدريبية، حملات صحية، بناء مساكن.
3. المخرجات (Outputs): النتائج المباشرة: عدد المتدربين، عدد الأسر المستفيدة، الخدمات المقدمة.
4. الأثر (Impact): التغيير الحقيقي: وظائف دائمة، أسر خرجت من دائرة الحاجة، بيئة أكثر صحة.
أدوات قياس الأثر
- (SROI) :
العائد الاجتماعي على الاستثمار (كم قيمة اجتماعيةنحققها لكل ريال يُنفق).
- (SDG) :
ربط البرامج بأهداف التنمية المستدامة.
- نظرية التغيير: خارطة توضح كيف ينتقل المشروع من الموارد إلى الأثر.
مثال مبسط
إذا أنفقت شركة 10 ملايين ريال على تدريب الشباب، فخرج 500 شاب إلى سوق العمل وبدأوا حياة منتجة، فإن القيمة الحقيقية تتجاوز المال المصروف لتصل إلى تغيير دائم في المجتمع.
الأثر ورؤية 2030
في رؤية السعودية 2030، أصبحت قياس الأثر الاجتماعي شرطًا أساسيًا لكل مبادرة أو برنامج، حتى يتحول الدعم إلى أثر مستدام.
وفي مكة المكرمة، حيث تزداد المسؤولية لخدمة الإنسان والمكان، فإن تبني منهجيات قياس الأثر يعني أننا لا نكتفي بالمبادرة، بل نحولها إلى قيمة مضافة تعزز جودة حياة السكان والحجاج والمعتمرين.
الخلاصة
النية الطيبة تصنع عملاً،
أما القياس فيصنع أثرًا يبقى ويقنع ويستمر.
صحيفة إضاءات الشرقية الإلكترونية