السلف بين الوفاء والنكران

 الإعلامي خضران الزهراني

في زمن تتسابق فيه القلوب الطيبة على مساعدة الناس وقضاء حوائجهم يطل علينا مشهد مؤلم يجرح المروءة ويهز ضمائر الشرفاء مشهد نكران الجميل بعد السلف حيث يقابل المعروف بالجحود ويرد الكرم بالخذلان ويستغل الكرماء وكأنهم لا عقل لهم ولا حق

السلف ليس مالًا يعطى وينسى بل هو أمانة في عنق المستدين وشهادة على أخلاقه ورجولته فمن أخذ مالًا وهو قادر على رده ثم ماطل أو جحد فقد خان الأمانة وسقط من عين الوفاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم أي أن المماطلة في رد الدين مع القدرة عليه ظلم وعدوان والله تعالى يقول ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون

إن من أقسى المشاهد أن ترى صاحب المعروف يطرق الأبواب ويذكر بالعهود ويقابل بالتجاهل أو القطيعة وكأن ما قدمه كان سرابًا أي قلوب هذه التي تنسى أن المعروف دين وأن دعوة المظلوم لا ترد وأن من أكل أموال الناس بالباطل فإنها نار في جوفه يوم القيامة

ولأهل الوفاء نقول أنتم تاج المروءة وعنوان الكرم فمن أخذ دينًا فرده في وقته وزاد عليه الشكر والدعاء فقد نال شرف الدنيا وبركة الآخرة إنكم تثبتون أن الرجولة خلق قبل أن تكون مالًا وأن الوفاء لا يقاس بالرصيد بل بالقيم

أما أولئك الظالمون المماطلون المستعلون على من أحسن إليهم فليعلموا أن الأيام دول وأن الحقوق مردودة لا محالة وأن ظلمهم لن يضيع عند الله قال تعالى ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون

إن المال قد يعوض لكن الكسر في القلوب لا يجبر والخذلان لا ينسى والجحود لا يمحى من ذاكرة الكرام فكم من كريم أغلق أبواب الخير بسبب جحود جاحد وكم من محسن كسرت نفسه لأن من ساعده رد المعروف بالوقاحة والتكبر

اللهم يا قوي يا جبار عليك بكل من ظلم وتكبر وجحد المعروف اللهم شتت شملهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك ورد الحقوق لأهلها عاجلًا غير آجل اللهم لا ترفع للظالم راية ولا تحقق له غاية واجعل ماله وبالًا عليه وأره عاقبة ظلمه في الدنيا قبل الآخرة اللهم احفظ الكرماء وأهل الوفاء وبارك في أرزاقهم وأبدلهم خيرًا مما فقدوا إنك ولي ذلك والقادر عليه

المال قد يسترد لكن كرامة الوفاء إذا سقطت لا تشترى ومن خان الأمانة خسر نفسه قبل أن يخسر غيره