صحيفة إضاءات الشرقية الإلكترونية 

منذ 2 يوم و 1 ساعة 0 60 0
جذور المسؤولية في اعناق الأباء والأمهات .
جذور المسؤولية في اعناق الأباء والأمهات . إستمع للمحتوى

 

الكاتبة ـ مريم سليمان الجهني .


 

ثارت في داخلي غيرةّ ، غيرةّ أشعلت حروفي ، وجعلت كلماتي تتسابق لتُحدق باستغراب بما رأته عيناي . 

في مساءٍ متأخر ، وبينما أعود إلى مسكني بأحد المدن ، 

وقفت أمام مشهدٍ تتفطر له القلوب … 

ومشهدٌ تتجمد له الأنفاس ، وتتساقط أمامه كل الحروف . فتيات وفتيان …

لا أريد أن أصفهم بكلمةٍ لا تليق بديني ولا قلمي ، ضحايا غياب من الدرجة الأولى ؛ ضحايا غياب الرقابة ، وضحايا انفتاحٍ بلا وعي ، وضحايا بيوتٍ سمحت للشارع أن يربي مالم يستطع البيت احتواؤه . وقفت بين أن أنصح كما أوصى محمد ﷺ وبين أن أصمت حتى الصباح وأترك السؤال يطاردني : وماذا حصل ؟ ولِم حصل ؟ ومن المستفيد ؟ وأذكر قول الله : " إنك لا تهدي من أحببت " لكن حديث مربي البشرية عليه الصلاة والسلام :

" كلكم راعٍ و كلكم مسؤول عن رعيته "

وصية واضحة للأباء .

 ويتضح لنا اليوم مع تطور التكنولوجيا أن :

المسؤولية شقًان لا ينفصلان : 

البيت … و السوشيال ميديا . جيل يتلقى التربية من أقطار العالم ، وشوارع مفتوحة بلا رقيب ، وبنات وأبناء يجولون في منتصف الليل هداهم الله ، كأن الليل صار صديقاً أميناً ، والوقت لم يعد أمانا . وهذا لا يعني منع ابنتي من مرافقة صديقتها بوقت متأخر ، أني لا أثق بها ، بل أني لا أثق بالشارع … لأنها جزءّ مني وروحي قبل أن تكون ابنتي . وجودي قربها ليس تحكماً ، بل سياجاً يُوقِف من يحاول أن يتقدم نحوها . كيف أترك ابني وابنتي في الشوارع بلا رقيب وأقول " أنا واثقً" ؟ نخدع أنفسنا ، فنحن نشارك في صنع ضياعهم ثم نريدهم أن يصبحوا دعاة صالحين لنا بعد موتنا ! كيف يرجو والدٌ ابناً صالحاً وهو لم يسعى لإصلاحه اساساً ؟ ولم يكن بصحبته يوماً ؟ وكيف تلوم أمٌ بنتها وهي لم تُمسك بيدها يوم كانت تحتاج من يقودها إلى طريق الرشد؟ . نعم السوشيال ميديا ملأى بثقافات لا تُشبهنا وأفكار لا تنتمي لهويتنا ،وعادات لم يُنزل الله بها من سلطان ، 

ولكن رفضي لخروج ابنتي أو ابني بوقت متأخر لا يعني أنني متخلّفة ، بل أريدها 

* طبيبة تنقذ روحاً تألمت 

* ⁠مهندسة تُشغل بيديها بترول بلدها بأمانة 

* ⁠ممرضة تسهر على مسن فقد يداً حانية معه ، 

* ⁠

* ⁠محامية ترفع الظلم بقلمها ،

* ⁠معلمة تُخرج أجيالاً تبني المستقبل ،

* ⁠وجندية تحمي أمّن وطنها بقوة،

* ⁠إداريةً تقود منظومة بكفاءة ،

* ⁠وبنتاً صالحةً قبل كل شيء .

وكذلك أريد ابني : 

معلّماً يُنشئ العقول ،

وطبيباً يحفظ الأرواح 

وجندياً يحمي الحدود 

ومهندساً يُشيد المباني 

وإعلامياً بقلم صادقٍ

ومبرمجاً يرفع راية وطنه بين الأمم 

الوطن لا يُبني بمن يلهو في الطرقات منتصف الليل ، بل بمن يُقّدر الوقت والمسؤولية. جيل الثمانينيات قبل أو بعد كان نسخةّ يشبه آباءه وأمهاته : بعض 

بيت فلان يشبه بيت فلان 

بنت فلان تفكيرها نفس بنت فلان  

ولد فلان رجلٌ كأبناء فلان ، 

القيم واحدة … والدين واحد … 

هو يحمي أخت جاره ، 

وهي تنصح جارتها 

وهو ينتقد ابن جاره خوفاً عليه 

السبب ؟ المربي واحد .والمصدر الفكري واحد ، تلفاز … ومحتوي واحد .

أما اليوم فتربية أبنائنا تأتي من اربع جهات الأرض ؛ لذلك نحن - الآباء والأمهات - 

حائط الحماية الأول …

وآخر سياج يحمي فطرةً وُلد عليها أبناؤنا .

لا يعني بلوغ الإبن 18 سنة أن رسالتنا انتهت ، ولا يعني أن نُلقي بهم في الشوارع بلا قيود بدافع الحرية ، يجب أن نغرس بداخلهم "روح المسوؤلية " لا نغرس التسيب والضياع . ثم نعود ونبرر لنقول : الزمن تغير والحقيقة روح المسوؤلية تغير . مارأيته لم يكن مشهداً عابراً… كان صرخة صامتة تقول : أين أنتم يا آباء ؟ وأين أنتم يا أمهات ؟ ضحايا الشارع ليسوا سيئين… بل يفتقدون الناصح 

ويحتاجون المربي . نحن ياسادة … حين يُقرر رجل وامرأة أن يُنشاء مؤسسة أسرية . فإن الأيدي تُكَبل بقيود المسؤولية ، ويلبسان جلباب القدوة قبل كل شيء .فأبناؤنا وُلدوا على فطرة الإسلام . وكلنا مسؤول .

وقد فكرت أن انصحهم … لكن النصيحة تحتاج أرضاً صلبة فالنصيحة لا تنفع بلا قاعدة قوية. الكلمة العابرة لاتزرع وعياً . والمشهد المؤلم وإن نصحت لا يُغير سلوكاً .

اعرف وأعترف أن التربية صعبة … وأن الإنفتاح جعلها أصعب . ولكن الله معنا … 

والدرب واحد فلنكن : مرافقين ، قريبين ، متابعين ، مع حرية مقننّة ، لا مطلقة .

أرافقهم … دون أخنقهم .

امنحهم ثقة … دون أن اتركهم .

أراقب هواتفهم … دون علمهم . 

أصلح الخطأ … دون احراجهم  

لأن بعض الأبناء شخصياتهم عنيدة ، صريحة ، حساسة . وتحتاج للمعالجة الهادئة لا المواجهة ، ولن ينفع أب يصرخ … وأم تغضب ثم تنكسر العلاقة للأبد .

 رأيت شباب وبنات يجولون في منتصف الطرقات كلّ منهم ينظر للآخر … ينتظر كلمة … أو خطوة … أو لقاء ، رؤية 2030 فخر لنا ونعتز بتطور بلدنا وتحركات قادتنا - جزاهم الله كل خير التي من خلال هذه الرؤية تريد أن نصل للقمة ونكون الدولة العظمى .

 السؤال هل نحن نربي جيلاً يسعى مع الرؤية ؟ جيلاً. يستعد ليقود الوطن نحو الأفضل ؟ أم جيلاً يتساقط منتصف الليل لا يعرف ماذا يريد ؟ هل نريد جيلا يقود وطنه للتطور والرقي بالعلم والمعرفة والإختراع. 

أولياء الأمور الأعزاء: لايكفي المال ولا الحرية .

 أعاننا الله وأعانكم على المسؤوليات فنحن من قرر أن نكون أباً وأماً ، والله وضع هذه الارواح أمانة بين يدينا .

ولنتذكر دائماً حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام 

" كلكم راعٍ …. وكلكم مسؤول عن رعيته .

صحيفة إضاءات الشرقية الإلكترونية

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

ابراهيم حكمي
المدير العام
المدير الفني للموقع

شارك وارسل تعليق